سورة الأنعام - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2) وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (3)} [الأنعام: 6/ 1- 3].
هذه حملة إلهية قوية على أولئك المشكّكين في وجود اللّه وقدرته ووحدانيته، وتمكّنه من بعث الأجساد مرة أخرى، من غير مشقة ولا صعوبة، وهذه الحملة تذكرنا بضرورة تخصيص كل أنواع الحمد والثناء والشكر لله تعالى، فهو أهل للمحامد كلها على أنواعها، وله الحمد الشامل للشكر المختص بأنه على النعم، إنه سبحانه جدير بالحمد ولو لم يكن منه إنعام، لأنه المبدع وخالق السماوات والأرض وما فيهما من العوالم العلوية والسفلية، وما اشتملتا عليه من التقدير والإحكام بوجود اللّه سبحانه، وسبقهم المؤمنون إلى ذلك، قال اللّه تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (25)} [لقمان: 31/ 25].
أما ترتيب خلق السموات والأرض، فالمفهوم من مجموع آي القرآن: أن اللّه تعالى خلق الأرض ولم يدحها أو يبسطها، ثم خلق السماء، ثم دحا الأرض ومدّدها بعد ذلك.
ولم يخلق السماوات والأرض على شكل واحد، وإنما جعل فيهما التنويع والتّبدل، والحركة والتّغير، وذلك آية الجمال والقدرة التامة الشاملة، فجعل اللّه العالم متبدلا، يلفّه الليل والنهار، والظلمة والنور يتعاقبان ويتبادلان، وهو وضع تجديدي يطرد السأم والملل، ويمنح النشوة والأمل، فلو كانت الحياة كلها على منوال واحد، ليل مظلم أو نهار مضيء دائم، لتضايق الإنسان، ولم يرق له العيش الهني ولم يدرك الارتياح النفسي. ومع هذه التبدلات والتغيرات، ووجود الأرض والسماوات، يجحد الكفار نعمة اللّه الصانع، ويجعلون لله عديلا مساويا له في العبادة، وهو الشريك، مع أن هذا الشريك ضعيف عاجز غير خالق، ولا يملك لنفسه ضرّا ولا نفعا. وقوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} توبيخ للناس على سوء فعلهم بعد قيام الحجج ووضوحها.
والظلمات في الكون كثيرة، تشمل المحسوس والمعنوي، فالمحسوس هو ظلمة الليل وأعماق الأرض والبحر، والمعنوي فيها ظلمات الشّرك والكفر. والنّور يشمل النهار المحسوس، والإيمان والعلم وسائر فنون المعرفة.
ومرجع العالم في النهاية إلى اللّه تعالى وهو سبحانه القادر التام القدرة على إعادة الحياة في الآخرة بعد الموت في الدنيا لأنه الذي خلقنا في مبدأ الخليقة من طين، فأوجد أبانا آدم عليه السّلام، ثم تكاثرت ذرّيته في المشارق والمغارب، كما خلق سائر أحياء الأرض، وجعل الحياة مقيدة بين بداية معينة من الميلاد، ونهاية محددة بالوفاة. وصار قضاء اللّه أجلين: الأول: ما بين أن يخلق الإنسان إلى أن يموت، والثاني: ما بين الموت والبعث، وهو حياة البرزخ، حياة القبر. وبالرغم من قيام هذه الدلائل على وحدانية اللّه والبعث، يشكّ الكفار في إعادة الخلق أو البعث يوم القيامة مرة أخرى. وهيّأ اللّه تعالى للإنسان في حياته ظروف المعيشة مع ضعفه وعجزه، ومن قدر على ابتداء الخلق من الطين، فهو على الإعادة أقدر وأهون عليه.
وهناك دليل آخر على وجود اللّه ووحدانيته: أن اللّه لم تنته مهمته بخلق السماوات والأرض، وإنما هو دائم الوجود والهيمنة والسيطرة، والقائم في السماوات والأرض المعبود فيها، المعروف بالألوهية، يعبده ويوحّده كل من في السماوات ومن في الأرض، ويسمّونه اللّه، ويدعونه رغبا ورهبا إلا من كفر من الجن والإنس: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ} يعلم السّر والجهر، ويستوي في علمه سبحانه الخفاء والعلانية، ويعلم جميع أعمالكم خيرها وشرّها، ويجازي الناس جميعا عليها، فهل بعد هذه الأدلة والبراهين أي شك في توحيد اللّه وقدرته على البعث والحياة الثانية بعد الأولى، بل والخلود في عالم الآخرة.
أسباب كفر الناس بالله تعالى:
العقل والواقع يقضيان بأنه لا يوجد سبب مقبول ولا برهان واضح يسوّغ جحود الناس وكفرهم بوجود اللّه ووحدانيته، وإنما الكفر والجحود لون من ألوان المكابرة والعناد، والسذاجة والسطحية، والهروب من الحقيقة بعد تبيّنها وظهورها، ومعاداة ما تدل عليه البراهين العلمية والمشاهدات الحسية والتأملات الفكرية.
فبالرغم من وجود الآيات الكونية التي تدلّ على إثبات الوحدانية لله، وكمال الألوهية والربوبيّة، وبالرغم من وجود الآيات القرآنية التي تنادي الناس للإيمان والتصديق بها، فإن بعض الناس يتّجهون إلى التكذيب والإنكار والكفر. قال اللّه تعالى:


{وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (4) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (5) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (6)} [الأنعام: 6/ 4- 6].
يذمّ اللّه تعالى أولئك الكفار الذين يعدلون بالله سواه، ويجعلون الشركاء مثل اللّه، يذمّهم بأنهم يعرضون عن كل آية ترد عليهم، فكلما أتتهم معجزة أو حجة واضحة من دلائل وحدانية اللّه وصدق رسله الكرام، أعرضوا عنها، ولم ينظروا فيها، ولم يبالوا بها، وكلما ذكّرهم القرآن العظيم بآيات ربّهم الذي ربّاهم، وتعهّدهم في حالتي الضعف والقوة، وأمدّهم بالرزق، وأعطاهم كل شيء، وخلق لهم جميع ما في الأرض، فإنهم مع ذلك كله يعرضون عن النظر في آيات اللّه، كما قال سبحانه: {ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [الأنبياء: 21/ 2- 3].
وسبب ذلك الإعراض عن النظر في آيات اللّه: تكذيبهم بالحقّ الذي جاءهم، وهو دين الإسلام والقرآن ومحمد عليه الصّلاة والسّلام.
إنهم لم ينظروا في الوجود نظرة تأمّل وتفكّر واعتبار، ولم يحرّروا أنفسهم من رقّ التقليد الأعمى للآباء والأجداد، ولم يترفعوا عن سيطرة العصبية وحماقة الجاهلية، فهم إذا جاءتهم رسالة التجديد والحياة الأفضل أعرضوا وقالوا: سحر مستمر، قال تعالى: {وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132)} [الأعراف: 7/ 132].
والإعراض عن الحق، والجمود على الباطل، استدعى تهديد هؤلاء الكفار على تكذيبهم بالحقّ، فلا بدّ من أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التكذيب، وسيجدون عاقبة أمرهم واستهزائهم بالإسلام والقرآن، فإنهم سيتعرضون في الدنيا للقتل والدمار بمختلف الأسباب، وفي الآخرة يجدون العذاب في نار جهنم يطوّق أعناقهم ويلازمهم إلى الأبد، قال تعالى: {وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} [النّحل: 16/ 34].
ثم أبان اللّه تعالى أن الوعيد بالعذاب سنّة اللّه في المكذّبين، ألم يروا في قلوبهم وينظروا في عقولهم أن اللّه أهلك كثيرا من الأمم السابقة قبلهم، مثل قوم عاد وثمود وقوم فرعون وإخوان لوط الذين كذّبوا رسلهم، بالرغم مما كانوا يتمتعون به من أسباب القوة والسّعة في الرزق، والاستقلال والملك، ما لم نعطهم مثله، وما لم نمكّن لهم شبيها به.
لقد كان قوم عاد وثمود وقوم فرعون وإخوان لوط في سعة كبيرة من العيش، وشدة في السلطان، وقوة في الحياة، وسّع اللّه عليهم الرزق، وأرسل عليهم الأمطار الغزيرة، وجعل الأنهار تجري من تحت بيوتهم ووسط مزارعهم، فلما كفروا بأنعم اللّه، أهلكهم اللّه بسبب ذنوبهم وبسبب تكذيبهم رسلهم، وأوجد اللّه من بعدهم قوما آخرين، وجيلا جديدا يعمرون البلاد، ويكونون أجدر بشكر النعمة.
إن هذه الإنذارات والتهديدات للكفار كفيلة بتذكير العقلاء في أنهم أخطئوا الطريق، وإنهم سيتعرضون لعقاب مماثل لعقاب الكفار من الأمم السابقة: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ} [البروج: 85/ 12- 16].
مطالب الكفّار المادّية وشبهاتهم الواهية:
إن موقف المشركين الذين عارضوا دعوة الإسلام يتمثّل في شيء من العناد الشديد، والمكابرة في المحسوسات، والمطالبة بألوان من المعجزات المادّية لا من أجل الإيمان والتصديق، وإنما للإعنات والمضايقة والإحراج، والتّهرب من مواجهة الحقائق.
ولكنهم بهذا الأسلوب في المقاومة، والاستهزاء الذي هو أمارة الإفلاس والعجز، سيتعرضون لأشد أنواع العذاب، والوقوع في أسوأ العواقب بسبب تكذيبهم برسالة الحق والقرآن، وإنكارهم دعوة النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى النجاة والسعادة. قال اللّه تعالى:


{وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7) وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (9) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (10) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)} [الأنعام: 6/ 7- 11].
سبب نزول هذه الآيات: ما ذكره الثّقات من العلماء، منها:
إن مشركي مكة قالوا: يا محمد، واللّه، لا نؤمن لك، حتى تأتينا بكتاب من عند اللّه، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند اللّه، وأنك رسول اللّه، فنزلت آية: {وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ}.
وقال جماعة من المشركين كالنضر بن الحارث: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} [الإسراء: 17/ 90].
وروى ابن المنذر وغيره عن ابن إسحاق قال: «دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قومه إلى الإسلام، وكلمهم فأبلغ إليهم، فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب وآخرون: لو جعل معك يا محمد ملك يحدّث عنك الناس، ويرى معك» فأنزل اللّه في ذلك: {وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ}.
تحدّثنا هذه الآيات أنه لو جاء محمد صلّى اللّه عليه وسلّم المشركين بأشد وأشنع مما جاء به من الإخبار بعقوبات الأمم السابقة، لكذّبوا به، وفي هذا مبالغة تؤكد عنادهم وموقفهم المتعنّت، إنهم اقترحوا اقتراحين:
أولهما- أن ينزل اللّه عليهم كتابا مسطورا من السماء يخبرهم بصدق نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ويطالبهم بالإيمان به، قال عبد اللّه بن أبي أمية: «لا أومن لك حتى تصعد إلى السماء، ثم تنزل بكتاب فيه: من ربّ العزّة إلى عبد اللّه بن أبي أمية، يأمرني بتصديقك، وما أراني مع هذا كنت أصدّقك». ثم أسلم بعد ذلك عبد اللّه هذا، وقتل شهيدا في الطّائف. إن عبد اللّه وأمثاله من المشركين لو جاءهم كتاب إلهي مسجّل من اللّه، والتقطوه بأيديهم، لقالوا: هذا سحر واضح. وذلك يمثّل غاية التّعنّت والمكابرة، وهذا جواب اقتراحهم الأول.
والاقتراح الثاني- أن ينزل اللّه ملكا من السماء يرونه ويكون مؤيّدا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فيكون معه نذيرا، ومؤيّدا له ونصيرا، فردّ اللّه عليهم أولا بأنه لو أنزل اللّه معه ملكا كما اقترحوا، لقضي الأمر بإهلاكهم، ثم لا يمهلون ليؤمنوا، بل لجاءهم من اللّه العذاب، كما قال اللّه تعالى: {ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ} [الحجر: 15/ 8].
وردّ اللّه عليهم ثانيا بأنه لو أنزل اللّه مع الرسول البشر ملكا، لكان متمثّلا بصورة الرجل، ليخاطبهم ويخاطبوه، وينتفعوا به، ثم يعود الأمر كما كان، ويقعون في اللّبس والاشتباه نفسه، ويختلط الأمر عليهم، لأنه سيقول: إني رسول اللّه كما قال محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، ثم يكذّبونه فلا يؤمنون ولا يصدّقون برسالة القرآن والنّبي والإسلام. قال ابن عباس في الآية: لو أتاهم ملك، ما أتاهم إلا في صورة رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النّور.
ثم أخبر اللّه تعالى أن اقتراحات بعض كفار مكة بإنزال كتاب مدوّن من السماء، أو بإنزال ملك من الملائكة، صادرة على سبيل الاستهزاء، ولكنه قد نزل وأحاط بهم من العذاب مثلما كانوا به يستهزئون أو يسخرون. وإن ارتاب المشركون في إمكان وقوع العقاب، فليسيروا وينتقلوا في الأرض ليقفوا بأنفسهم على الحقيقة من تاريخ عاد وثمود وطسم وجديس وقوم فرعون وإخوان لوط، كيف عذّبهم اللّه، وكيف كانت عاقبة المكذّبين لرسالات أنبيائهم، وكيف أحاط بهم جزاء ما استهزءوا وسخروا به.
أدلّة واضحة على إثبات البعث:
تضافرت الآيات الدّالة على إثبات أصول الدين الثلاثة: وهي إثبات وجود اللّه وتوحيده، وإثبات البعث والمعاد والجزاء، وإثبات النّبوة ورسالة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، وكل هذه البراهين الواقعية والحجج الدامغة من أجل خير الإنسان وإسعاده وإفهامه حقيقة الوجود الدنيوي والأخروي، وأن رحلة الحياة الحاضرة لتنتهي بصاحبها إلى عالم الخلود الأبدي القائم على أمور يسيرة هي الإقرار بوجود اللّه ووحدانيته، والاعتقاد بقدرة اللّه التّامة على جمع الناس وحشرهم، والتّصديق بصحة الوحي إلى الرّسل والأنبياء الكرام وختمهم برسالة خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، قال اللّه تعالى:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8